المحلّل الفني ... قارئ المشهد لا بطل المسلسل

نفهم السوقهم كما هو، لا كما يُعرض في المسلسلات

كثيرون يظنّون أن المحلّي الفني هو من يصنع الثروة، وأنه يعرف متى تشتري ومتى تبيع، وكأنه يمتلك مفاتيح الغيب لكن الحقيقة مختلفة تمامًا - فالمحلل يقرأ المشهد فقط، ولا يشارك في المعركة هو يقف عند مسرح الجريمة، يراقب، ويفسّر، ويستنتج ... لكنه لا يعتقل أحدًا ولا يوجّه الاتهام.

تمامًا كما يفعل خبير البروفايل الجنائي في الجرائم، الذي يستطيع من خلال تفاصيل المكان أن يفهم نفسية المجرم لماذا فعل ذلك؟ ولماذا اختار ضحاياه؟ ومتى وكيف نفّذ جريمته؟ هو لا يملك صلاحية القبض أو التحقيق، فهناك إجراءات وقوانين وأشخاص وأشخاص آخرون يتولّون ذلك. دوره ينتهي في قراءة السلوك وتحليل الدوافع وكذلك المحلّل الفني، يرى في الرسم البياني أثر الخوف والطمع، ويحدّد الحالة النفسية للسوق لكنه لا يستطيع تنفيذ القرار ولا تحمّل المخاطرة بالمال.

المحلّل يصف المرض ... والمتداول هو من يقرّر إن كان سيولتنا الدواء أم ينتظر.

السبب بسيط الدراما تمامًا كما تفعل أفلام هوليوود وبوليوود وبوليوود حين تُظهر وحدة التحقيق الجنائي (CIS أو مكتب التحقيقات الفيدرالي) وكأنها من تحلل كل القضايا، وتقبض على المجرم، وتكشف الحقيقة في خمس دقائق قبل نهاية الحلقة! في الأمر أعقد بكثير، لكن تبيع الإثارة، لا الحقيقة.

وهكذا تمامًا في الأسواق، بعض المحللين - بعض المحللين - بقصد - قصد - يقدّمون أنفسهم كأنهم أبطال القصة، أصحاب القرار والمعلومة الحسمية، حين أن دورهم الحقيقي هو قراءة السوق لا قيادته هم يقدّمون “الحلقة التشويقية القادمة”، فيجعلون المتابعون يظن أن التوصية القادمة ستغيّر حياته، كما ينتظر المشاهد الحلقة التالية من المسلسل.

ينشأ سوء الفهم من المبالغة في التقديم على الجمهور الجمهور يظن أن المحل المحل يملك العصا السحرية، والمحلّل - مدفوعًا بحب الظهور أو السوق - لا يصحّح هذا الاعتقاد، بل يستفيد منه. لكن السوق في النهاية لا يرحم الأدوار التمثيليّة فهو يكافئ من يفهم كما هو، لا يعيش فيّ نصّ مكتوب مسبقًا.

المحلّل يقرأ، يقرّر المتداول يقرّر المشهد الأول يصف المشهد، والثاني يعيش فيه. وكما أن أن البروفايل الجنائي لا يدخل المحكمة، المحل المحل الفني لا يضمن الربح - بل يمنحك خريطة منطقية في عالم يضجّ بالعاطفة والنجاح في النهاية لا يأتي من التوقّعات، بل من الوعي والانضباط.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *